منذ أقل من ثلاثين عاماً أعلن الرئيس جعفر النميرى تطبيق الشريعة فى السودان، وهى تجربة تأخرت قراءتها كثيراً ولم تحلل دلالاتها بشكل مفصل لكى نعرف كشعوب عربية وإسلامية كيف يتاجر البعض بهذا الشعار ليحققوا به مكاسب سياسية ليس لجوهر الدين أى علاقة بها، فقد خرج السودان من هذه التجربة بأطراف مبتورة ومليارات مسروقة وفقراء بالملايين، وللأسف كان النميرى والترابى ورفاقه ينسبون جرائمهم للإسلام وهو منها براء.

أخيراً صدر كتاب صغير الحجم كبير القيمة عظيم الدلالة عن دار الثقافة الجديدة، من إعداد عبدالماجد عليش، بعنوان «يوميات الدولة الإسلامية فى السودان»، يؤرخ بدقة وذكاء يوميات السودان فى هذه الفترة الخطيرة من حياة السودان، الكتاب يلتهم فى نصف ساعة لكن بصمته ستظل سنين وسنين محفورة فى الذاكرة تنبه الشعوب ألا تقع فى فخ تجار الوهم وباعة الأساطير وسماسرة الشعارات، أقتبس لكم من هذا الكتاب المهم بعض الفقرات ذات الدلالة، لعلها تكون حافزاً لكم على قراءته بالتفصيل.

تقول اليوميات:

- 9/1/1984 تأييد أول حد بقطع يد سارق من مفصل الكف وتعليقها فى عنق المتهم بعد ثبوت سرقته لملابس بقيمة 250 جنيهاً.

- 5/6/1984 عبدالله موسى، بدون عمل «19 سنة»، قام بنشل محفظة، الحكم قطع اليد اليمنى من مفصل الكف.. إلخ.

- حديث الترابى لقناة «أبوظبى الفضائية»: ثروة ابنى عصام 25 مليون جنيه فقط!!.

- 22/1/1994 تأكيداً للتعايش الدينى وحرية الأديان البشير يتناول طعام الإفطار مع الأقباط.

- هجرة واسعة للأقباط إلى خارج السودان!

- إلزام كافة العاملات بالزى الشرعى ووضع الحجاب كشرط لتأشيرة الدخول، وبيع الخمار فى مطار الخرطوم لغير المسلمات عند دخولهن السودان.

- 110 آلاف حالة اعتداء على النساء العام الماضى.

- المواطنون يحملون شهادة الزواج لتبرير سيرهم مع الزوجة أو الأخت.

- 14/8/1983 مانشيت «الأيام»: «وزارة الصحة: المياه ملوثة بالطمى لكنها صالحة للشرب».

- مظاهرات عنيفة فى الأبيض بسبب العطش!!

- 25/7/1984 قفل محلات الكوافير بالعاصمة لأن عمل الرجل بتصفيف شعر النساء مخالف للشريعة.

- فى يوم 24/5/1985 شهدت شوارع الخرطوم موكباً فريداً، عشرات المواطنين بعضهم قطعت يده والبعض قطعت رجله ومنهم من فقد عينه، توجهوا من مركز الأطراف الصناعية إلى مقر المجلس العسكرى، قدر عددهم بما لا يقل عن 600 ما بين 18 و25 عاماً.

- من حوار حافظ الشيخ الزاكى فى «الشرق الأوسط» 12/12/1983: «على مدى 6 قرون فى الدولة الإسلامية لم تقطع إلا ست أيادٍ فقط»!!!